هو الذي لا يغرب عن حفظه شيء ولو كمثقال الذر فحفظه لا يتبدل ولا يزول ولا يعتريه التبديل .
قوله تعالى : { إن ربي على كل شيء حفيظ}(سورة هود الآية 57)
•للحفيظ معنيان:
أحدهما: أنه قد حفظ على عباده ما عملوه من خير وشر وطاعة ومعصية، فإن علمه محيط بجميع أعمالهم ظاهرها وباطنها، وقد كتب ذلك في اللوح المحفوظ، ووكل بالعباد ملائكة
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ{10}كِرَاماً كَاتِبِينَ{11} يَعْلَمُونَ مَاتَفْعَلُونَ{12}(سورةالانفطار الآية 12)
، فهذا المعنى من حفظه يقتضي إحاطة علم الله بأحوال العباد كلها ظاهرها وباطنها وكتابتها في اللوح المحفوظ وفي الصحف التي في أيدي الملائكة ، وعلمه بمقاديرها ، وكمالها ونقصها ، ومقادير جزائها في الثواب والعقاب ثم مجازاته عليها بفضله وعدله .
والمعنى الثاني: من معنيي( الحفيظ) أنه الله الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون، وحفظه لخلقه نوعان عام وخاص .
فالعام : حفظه لجميع المخلوقات بتيسيره لها ما يقيتها ويحفظ بنيتها وتمشي إلى هدايته وإلى مصالحها بإرشاده وهدايته العامة التي قال عنها
{ الذي أعطى كلَّ شيء خلقه ثم هدى }(سورة طه الآية 50)
أي هدى كل مخلوق إلى ما قدر له وقضى له من ضروراته وحاجاته ، كالهداية للمأكل والمشرب والمنكح ، والسعي في أسباب ذلك ، وكدفعه عنهم أصناف المكاره والمضار ، وهذا يشترك فيه البر والفاجر بل الحيوانات وغيرها، فهو الذي يحفظ السماوات والأرض أن تزولا، ويحفظ الخلائق بنعمه ، وقد وكَّل بالآدمي حفظةً من الملائكة الكرام يحفظونه من أمر الله ، أي يدفعون عنه كل ما يضره مما هو بصدد أن يضره لولا حفظ الله
. والنوع الثاني : حفظه الخاص لأوليائه سوى ما تقدم ، يحفظهم عما يضر إيمانهم أو يزلزل إيقانهم من الشبه والفتن والشهوات ، فيعافيهم منها ويخرجهم منها بسلامة وحفظ وعافية، ويحفظهم من أعدائهم من الجن والإنس، فينصرهم عليهم ويدفع عنهم كيدهم،
قوله تعالى : { إن الله يدافع عن الذين ءامنوا }(سورة الحج الآية 38)
وهذا عام في دفع جميع ما يضرهم في دينهم ودنياهم ، فعلى حسب ما عند العبد من الإيمان تكون مدافعة الله عنه بلطفه ،
وفي الحديث : ((أحفظ الله يحفظك )) أي احفظ أوامره بالامتثال ، ونواهيه بالاجتناب ، وحدوده بعدم تعدِّيها ، يحفظك في نفسك ، ودينك ، ومالك ، وولدك، وفي جميع ما آتاك الله من فضله .